الابتلاء بالمرض فوائده وأحكامه

خطبة الجمعة .. الابتلاء بالمرض فوائده وأحكامه

لفضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان

21 ربيع الأول 1445 هـ – 6 أكتوبر 2023 م

——————————————————————————–

الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، نحمده سبحانه ونشكره على نعمه، ونسأله المزيد من فضله وكرمه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين. أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)

معاشر المسلمين: هناك نعمة عظمى، ومنة كبرى بعد نعمة الإيمان والإسلام، يغفل عنها كثيرٌ من الناس، ويقصرون عن أداء شكرها، وهي نعمة لا يحسها إلا من فقدها، ولا يشعر بها إلا من يئن تحت وطأة الأمراض والأسقام، ومن يرقدون على الأسرة البيضاء، ويتململون ويتقلبون على فراش المرض، في البيوت وفي المشافي وفي الأسفار للبحث عن علاج، لا يعلم بحالهم إلا الله تعالى، كانوا بالأمس يرفلون بثوب الصحة والعافية، واليوم يشكون إلى الله ضعف قوتهم، وقلة حيلتهم، وفشوا الأمراض في أبدانهم، حتى أفقدتهم التلذذ  بطيب المنام، وشهي الشراب والطعام، والحمد لله على قضائه وقدره، لذلك يا عباد الله، رغب الإسلام، وحث نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم، على استغلال نعمة الصحة والعافية، واغتنامها بالعمل الصالح قبل أن تحل بالإنسان العوائق، ويقع في المآزق، وتكتنفه المضايق، فقال عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه :(اغتنِمْ خمساً قبل خمسٍ ، وذكر منها: وصِحَّتَك قبل سِقَمِك) وقال صلى الله عليه وسلم: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ) فيا أيها الأصحاء، يا من ترفلون بثياب الصحة والعافية، احمدوا الله تعالى واشكروه على هذه النعمة،  في سلامة وعافية من منغصات الألم، ومكدرات المرض، واستثمروا صحتكم فيما يقربكم إلى الله تعالى مولاكم، فكم من مريض والله يتمنى أن يعود صحيحاً معافى، وكم من عليل يرغب أن يكون سليماً ليعمل وليعمل، ثم هل تؤمن غوائل الدنيا وبلاياها ومفاجئاتها لا سيما في مثل هذا العصر الذي تنوعت فيه المصائب والحوادث، وكثرت فيه الكوارث، وجدت أوبئة وأمراض، وانتشرت علل وأسقام، لم تكن في الأسلاف الذين مضوا عياذاً بالله من غضبه وأليم عقابه، فالشكر الشكر أيها الأصحاء، والبدار البدار على استكمال صحتكم في مرضاة الله تعالى قبل الفوات أو الممات، وقديماً قيل: (الصحةُ تاجٌ على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرْضَى) زوروا المستشفيات لتدركوا عظم نعمة الله عليكم بالصحة والعافية، انظروا في مختلف الأقسام هناك وتأملوا أحوال الراقدين على الأسرة البيضاء شفاهم الله وعافاهم، أمراض متنوعة، وأسقام مختلفة، فهذا مصاب بالسكتة الدماغية ويعيش في حالة غيبوبة، وآخر في  قسم الباطنية يعاني من تليف الكبد أو قرحة في معدته، وذاك يشكوا من الفشل الكلوي، والغسيل المتكرر وهذا في القلب والشرايين، وآخر يشكو من التهاب الرئتين، وفي قسم العظام، هذا كسير وذاك جبير، هذا في الحوض وذاك في الأرجل والركب، وآخر في الأطراف واليدين وفقرات الظهر، وحدث ولا حرج عن حوادث السيارات وقسم الحروق، والأمراض الجلدية والتناسلية والجنسية، وأمراض العصر كالسكري والضغط والاكتئاب والسرطان وغيرها، وما يدور في غرف الإنعاش وأقسام الطوارئ والعمليات.. ألا رحماك يا ربنا رحماك، وعفوك ورضاك.

عجيب وغريب يا عباد الله أمر ابن آدم، كتب الله عليه الضعف والعجز، فالشوكة تؤلمه، والزكام يقعده، والصداع يؤرقه، وأصغر الحشرات تطرحه، وهو في حال الصحة يتكبر على الله عز وجل، ويشمخ بأنفه، ويحاد الله في شرعه وأمره، ويخالفه في ترك الفرائض والواجبات والوقوع في المعاصي والمظالم والمحرمات، نسأل الله العفو والعافية والحفظ والعصمة من الضلال.

أيها الإخوة والأخوات المرضى، يا من ابتليتم بمرارة المرض، احمدوا الله تعالى واشكروه على كل حال، فلا حيلة والله للإنسان في دفع قضاء الله وقدره، فعليكم بالصبر والتحلي بالرضا والتخلي عن الجزع والضجر والتسخط، حققوا الإيمان بقضاء الله وقدره، فإن له أثراً كبيراً في بث الطمأنينة على النفوس ورفع المعنويات، أقبلوا على الله، وألحوا عليه بالدعاء، فهو القائل سبحانه على لسان إبراهيم عليه السلام: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)، والقائل: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ).. بل هنيئاً لكم أيها المرضى، أنتم مغبوطون إذا صبرتم واحتسبتم، فإن المرض لا يخلوا من فوائد، منها تكفير الخطايا والسيئات، كما قال صلى الله عليه وسلم: (ما يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ والمؤمنةِ في نفسِهِ وولدِهِ ومالِهِ حتَّى يَلقى اللَّهَ وما عليْهِ خطيئةٌ) وقال عليه الصلاة والسلام: (مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَة يُشَاكُهَا إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ) وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على مريض بالحمى من أقاربه، فقال المريض: لا بارك الله فيها (أي الحمى) فقال صلى الله عليه وسلم (لا تَسُبِّوا الحُمَّى؛ فإنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ، كما يُذْهِبُ الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ). ومن فوائد المرض أن الله يخرج به من العبد الكبر والعجب والفخر، فلو دامت للعبد أحواله لتجاوز وطغى ونسي المنتهى لكن الله سلط عليه الأوبئة والأمراض والأوجاع وخروج الأذى والريح ليعلم أنه ضعيف.. فالعبد يجوع كُرهاً، ويمرض كرهاً، ويموت كرهاً، ولا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً. فمن كانت هذه طبيعته فلماذا يتكبر ولماذا يتغطرس، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيْم، الَّذِي خَلَقَك فَسَوَّاك فَعَدَلَك، فِي أَي صُوْرَة مَا شَاء رَكَّبَك)

أيها الأخوة والأخوات في الله : ومن فوائد المرض أن يعلم المريض أن المرض مقدر من عند الله، يقول تعالى: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) وأن يتيقن أن الله أرحم به من نفسه ومن والدته والناس أجمعين، وأن يعلم أن ما أصابه هو عين الحكمة من الله، وأن الله أراد به خيراً، وأن ما أصابه علامة على محبة الله له، لقوله صلى الله عليه وسلم:( مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ) و(إن عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ، وإن اللهَ  عز وجل إذا أَحَبَّ قوماً ابتلاهم ؛ فمن رَضِيَ فله الرِّضَى، ومن سَخِطَ فله السُّخْطُ) و(إن العبد إذا سبقتْ له من اللهِ منزلةٌ لم يبلغهَا بعملهِ ابتلاهُ اللهٌ في جسدِهِ ثم صبَّرهُ على ذلكَ حتى يبلغهُ المنزلة التي سبقتْ لهُ) وأن يعلم المريض أن الجزع لا يفيده، وإنما يزيد من آلامه ويفوت عليه الأجر والثواب… قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (إنك إن صبرت جرت عليك المقادير وأنت مأجور، وإن جزعت جرت عليك المقادير وأنت مأزور) كما أن من فوائد المرض أنه سبب للجوء العبد وانكساره بين يدي الله عز وجل، قال تعالى فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) كم من أناس أعرضوا عن اللجوء إلى الله والدعاء والانكسار بين يديه، فمرضوا فلجئوا إلى الله خاشعين منكسرين، فأهل التوحيد إذا أصيبوا ببلاء أو مرض، صبروا ولجئوا إلى الله وحده، واستعانوا به وحده جل جلاله، قال تعالى: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ، يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ)  وليكن لكم أيها المرضى في قصة نبي الله أيوب عليه السلام، الأسوة الحسنة، فقد ذكر أهل العلم، أنه ظل يعاني من المرض ثمانية عشر عاماً. قال تعالى: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ)..  وهذا نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، (يوعك كما يوعك رجلان منكم). أي كان يصيبه من الألم والحمى، ما يقع على رجُلين اثنين.

أيها المرضى: التوبة التوبة، عليكم بحسن الظن بربكم، واعلموا أن المرض لا يقدم أجلاً، ولكنه يذكر بالموت، ويذكر بالآخرة، تذكروا من هم أشد منكم مرضاً، فقد دفع الله عنكم أعظم مما أنتم فيه. واعلموا عباد الله أن مصاب الدنيا يسير أمام مصاب الدين، وأنه لا غنى لكم عن الله طرفة عين، مهما بلغت مهارة الطبيب، ووصلت فخامة المستشفى، وامتاز بالآلات والأجهزة والتقانات الحديثة، والكفاءات.

أيها الأطباء والممرضون، أيتها الطبيبات والممرضات: الطب أمانة، والتمريض مسؤولية، فاتقوا الله في أنفسكم، واتقوه في مرضاكم، أخلصوا لله في أعمالكم، وراقبوه في كل صغيرة وكبيرة، حذار من المقاصد الدنيوية، والتكالب على حطام الدنيا الفانية.

اهتموا أيها الأطباء بمرضاكم، أدوا الأمانة، واحذروا الخيانة، تخلقوا مع المرضى بالأدب والخلق الطيب والكلام اللين والصبر الجميل، والرفق والملاطفة، والبشاشة والابتسامة، بعيداً عن التكبر والعجب والتعالي والغرور… الطبيب داعية، ومعلم، ومرشد، تثبتوا عند التشخيص، وترفقوا في المعاملة، واضبطوا الوصفات، بارك الله فيكم، وفي علمكم وجهودكم، اعتزوا رعاكم الله بإسلامكم، أدوا الصلاة، وتعلموا من العلم الشرعي ما يتعلق بمهنتكم، وتمتعوا بالغيرة على الأعراض، فكثرة الإمساس تقلل من الإحساس، واستغلوا أوقات المرضى وفراغهم بما يعود عليهم بالمنفعة في دينهم ودنياهم، ذكروهم أوقات الصلاة وكيفية الوضوء، لمن لا يعرف ذلك. فكثير من المرضى شفاهم الله يتساهلون في ذلك، مع أن الصلاة لا تسقط عن الإنسان أبداً، ما دام عقله معه، ويصلي المريض على حسب حاله، قائماً أو قاعداً، فإن لم يستطع فمضطجعاً، ويتطهر بالماء، فإن عجز عن استعماله فليتيمم، (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) وبالمقابل فإننا نوصي المرضى والمترددين على المستشفيات والعيادات، باحترام الأطباء والطبيبات والممرضين والممرضات وإجلالهم وتقديرهم، ونحذرهم من الإساءة إليهم أو أهانتهم، بالقول أو الفعل، يقول صلى الله عليه وسلم: (لا يَشْكُرُ اللهَ مَن لا يَشْكُرُ الناسَ) وفي رواية (أَشْكَرُ النَّاسِ للهِ، أَشْكَرُهم للناسِ)..  وقال صلى الله عليه وسلم: ومن صَنَع إليكم معروفًاً فكافِئوه، فإنْ لم تَجِدوا ما تكافِئونَه فادْعُوا له حتى تَرَوا أنَّكم قد كافَأْتُموه)

نسأل الله العظيم رب العرش العظيم، أن يشفينا ويعافينا ويشفي ويعافي مرضى المسلمين والمسلمات إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.

نفعني الله وإياكم بالقران العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله مولي الإنعام، وشافي الأسقام، والباقي على الدوام، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك القدوس السلام، ونشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله سيد الأنام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن المسلم حقاً من يكون إيمانه له درعاً واقياً عند تعرضه للأزمات، ومن تكون عقيدته بربه وقضائه وقدره، حصناً حصيناً عندما تحل به الأمراض والأسقام والابتلاءات، يشق طريقه في الحياة بكل جد وتفاؤل، وطمأنينة وسعادة، وراحة وقناعة، فالمؤمن الحق يعتقد يقيناً أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطئه لم يكن ليصيبه، وأن المصائب كلها بإذن الله تعالى، كما قال سبحانه،(مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، واعلموا أيها المرضى، شفاكم الله وعافاكم: أن الله تعالى لما أنزل الداء، كتب الدواء، وأباح التداوي المشروع، صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما أنزل اللهُ داءً إلا أنزل له شفاءً علمَهُ من علمه وجهلَه من جهِله). وقال أيضاً: (لِكُلِّ داءٍ دَواءٌ، فإذا أُصِيبَ دَواءُ الدَّاءِ بَرَأَ بإذْنِ اللهِ عزَّ وجلَّ) وقال عليه الصلاة والسلام: (تداووا عباد الله ولا تداووا بحرام).

أيها المرضى، أيها الأطباء، أيها الأصحاء، أيها المسلمون جميعاً، اتقوا الله تعالى وأقبلوا على كتاب ربكم، ففيه الشفاء بإذن الله تعالى، حصنوا أنفسكم بالأوراد الشرعية، والأذكار النبوية الصحيحة، بفاتحة الكتاب، وآية الكرسي، والمعوذتين وغيرها، احرصوا أيها الأصحاء على زيارة إخوانكم المرضى الزيارة الشرعية، فهي حقٌ لهم، مع الدعاء والتخفيف، فقد ورد في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من عاد مريضاً لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع) يعني جناها وثمرها. وقال عليه الصلاة والسلام أيضاً، (مَن عادَ مريضاً، أو زارَ أخًا لَهُ في اللَّهِ ناداهُ مُنادٍ: أن طِبتَ وطابَ مَمشاكَ وتبوَّأتَ مِنَ الجنَّةِ منزلاً) وليحرص الزائر على التخفيف والدعاء، وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من عاد مريضاً لم يحضُرْ أجلُه فقال عنده سبعَ مرَّاتٍ: أسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ العظيمِ أن يشفيَك إلَّا عافاه اللهُ من ذلك المرضِ)

أيها الأخوة والأخوات في الله: وإذا كنا نعيش اليوم في عصر تفشي الأوبئة والأمراض المستعصية الجسدية والنفسية أجارنا الله وإياكم منها، فإن الحصانة في القرآن والذكر، تربى عليه النفوس، وتعمر به البيوت، ويحصن به الأهل والأولاد والبنات.

ما انتشر القلق والأرق والاكتئاب، وكثر المس والسحر والعين وما يسمى بالطب والعمل، إلا لما غفلنا عن الله تبارك وتعالى، وأهملنا أنفسنا من الحصانة الشرعية.

وإذا كان التداوي مشروعاً، فيجب الحذر كل الحذر من الذهاب إلى المشعوذين والسحرة والدجالين، والكهنة والعرافين، الذين كثروا بشكل عجيب ومخيف لا كثرهم، الله،  طلاسم وخرافات، وحروز وخزعبلات، يكذبون بها على الناس، ويوهمون أن فيها شفاء وهي والله الداء، لابد من وضع العقوبات الرادعة على هؤلاء السحرة الأشرار، فقد آذوا عباد الله، فرقوا بين الأب وابنه، وبين الزوج وزوجه، فيجب التبليغ عنهم، ولا يجوز الذهاب والتردد عليهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من أتى كاهناً فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) ويقول: (من أتى كاهناً أو عرافاً، فسأله فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) فاتقوا الله عباد الله، اتقوا الله أيها المرضى، واعلموا أن الشفاء فيما أباح الله غنية عمّا حرم… اللهم اشفنا واشف مرضانا، وعاف مبتلانا، اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين، الذين أعجزتهم الأمراض والأسقام، وأقعدهم قضاؤك عن المشي والقيام، هبهم يا ربنا الصحة والعافية، وهبهم الشفاء العاجل منك، فإنه لا شفاء إلا شفاؤك، هبهم شفاء لا يغادر سقماً، لا إله إلا أنت ولي المؤمنين، وعدة الصابرين، يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين، اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم وفق ولاة أمورنا، وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزراءه سلمان بن حمد، اللهم وفقهم لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين.

اللهم كن لإخواننا المستضعفين المضطهدين المظلومين في كل مكان، اللهم كن لهم ناصراً ومؤيداً ومعيناً يا رب العالمين. اللهم فرج همهم، ونفس كربهم، وأصلح أحوالهم، وألف بين قلوبهم، واحقن دماءهم ولا تجعل لعدو ولا طاغية عليهم سبيلاً.

اللهم أحفظ المسجد الأقصى مسرى نبيك وحصنه بتحصينك وأكلاه برعايتك، واجعله في حرزك وأمانك وضمانك يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا، ونفس كروبنا وعاف مبتلانا واشف مرضانا، واشف مرضانا وارحم والدينا، وارحم موتانا وارحم موتانا برحمتك يا أرحم الراحمين.

الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

      خطبة جامع الفاتح الإسلامي – عدنان بن عبد الله القطان – مملكة البحرين